داء الشريان التاجى

داء الشريان التاجى

لقد تغيرت أنماط الحياة تغيرا جذريا مع مرور الوقت فى العصر الحديث، خاصة الذين يقيمون فى المدن حيث أنهم يخضعون للكثير من ضغوط العمل ولا يمتلكون وقتا كافيا لممارسة الرياضة.  قد يكون بعضهم من المدخنين، كما أنهم يعتمدون فى غذائهم على الأغذية المصنعة والمجهزة لتوفير الوقت. لكن هذه الأطعمة تحتوى على نسبة عالية من الدهون المشبعة والتى قد تسبب الإصابة بالعديد من المشكلات الصحية. يُعد داء الشريان التاجى هو أحد أهم تلك المشكلات والتى ارتفعت نسبة الإصابة بها بدرجة كبيرة بين الناس. من ناحية أخرى، فإن الأشخاص المصابون بداء الشريان التاجى لايمكنهم التعافى منه تماما وهذا يعنى أنهم سيتلقون العلاج منه مدى حياتهم.

تحدث الإصابة بداء الشريان التاجى عندما تتراكم الدهون والكالسيوم داخل الشرايين التاجية، مما يؤدى إلى انخفاض تدفق الدم إلى أنسجة عضلات القلب، وقد يحدث انسداد للشريان وتدهور الأمر. هناك عدد من العوامل التى قد تزيد خطر الإصابة بداء الشريان التاجى والتى يمكن تصنيفها إلى عوامل اختطار قابلة للتعديل وعوامل غير قابلة للتعديل.

تشمل عوامل الاختطار القابلة للتعديل أنماط الحياة المختلفة منها: النمط الغذائى وتناول المشروبات الكحولية والتدخين والإصابة بالتوتر وبعض أمراض الجهاز القلبى الوعائى مثل ارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة الدهون فى الدم  وداء السكرى. أما العوامل التى لايمكن تعديلها فهى تشمل النوع والأصل العرقى.

يُصنف داء الشريان التاجى إلى نوعين رئيسين:

النوع الأول: داء الشريان التاجى الحاد.

يعتبر هذا النوع هو الأخطر حيث ينتج عنه نسبة عالية من الوفيات فى حال إذا لم يتم معالجة المصاب فى أسرع وقت ممكن. يعانى الأشخاص المصابون من الإنهاك والشعور بالألم والضيق فى منتصف الصدر والذى يتصاعد تدريجيا إلى الأسوء مع الوقت حتى فى حال عدم ممارسة المجهود البدنى. قد يعانى المصابون أيضا من الشعور بخفقان القلب وزيادة التعرق وصعوبة التنفس. فضلا عن ذلك فإن الإصابة باحتشاء عضلة القلب يمكن أن تؤدى إلى حدوث عجز أو حتى الوفاة وهذا الأمر يعتمد على درجة شدة المرض ومقدار وقت قصور تدفق الدم إلى أنسجة القلب.

ولذلك فإنه يجب نقل الشخص المصاب إلى المستشفى فى أسرع وقت ممكن أو على الأقل خلال 6-12 ساعة من بداية ظهور الأعراض، وذلك حتى يتمكن الأطباء المعالجون من إزالة انسداد الشرايين من خلال تركيب دعامة لتوسيع الشريان أو من خلال استخدام أدوية انحلال الفيبرين.

النوع الثانى: داء الشريان التاجى المزمن. 

فى هذا النوع يشعر المريض بأعراض المرض بصورة متقطعة عندما يمارس النشاط البدنى مثل المشى او الرياضة أو صعود الدرج، حيث يعانى المصاب من ألم وضيق حول منطقة عظمة القص ثم تخف تلك الأعراض عند الراحة وتوقف المجهود البدنى. إضافة إلى أنه يمكن لبعض الأشخاص الشعور بألم فى منطقة الكتف الأيمن ممتدا إلى منطقة الفك. يجب على المصاب فى حال إصابته بتلك الأعراض التوجه لتلقى الرعاية الطبية العاجلة.

علاج داء الشريان التاجى:

يتضمن العلاج الرئيسى فى الحالات الأقل حدة تعديل أنماط الحياة بالاقتران مع العلاج الدوائى حيث أن المريض سيظل مستمرا فى تلقى العلاج مدى الحياة وذلك للوقاية من تراكم المزيد من الدهون داخل الشرايين. إلى جانب ذلك، يُنصح المريض بتباع نظام غذائى صحى وممارسة الرياضة بشكل منتظم.

فى حالات الإصابة الأكثر حدة، عندما يحدث انسداد شديد للشرايين والتى قد ثؤثر بشدة على قدرة عضلات القلب على الانقباض، يحتاج المريض إلى إجراء قسطرة قلبية وتوسيع الشرايين باستخدام الدعامات القلبية. تشمل القسطرة القلبية حقن سائل مشع داخل شرايين المريض مما يساعد الأطباء فى تحديد إذا ماكان هناك انسداد فى الشريان يؤثر على أنسجة القلب العضلية. إضافة إلى أن حقن هذا السائل المشع يمكن الأطباء من تقييم وظائف عضلة القلب فى حال الانقباض والانبساط و كذلك تقييم سلامة صمامات القلب عند فتحها وغلقها لتجويف القلب عند كل انقباضة. كما يمكن لهذا الإجراء تقييم الضغط الداخلى داخل القلب وأجزاءه المختلفة. يمكن إجراء قسطرة القلب خلال الشريان الفخدى أو الشريان الكعبرى حيث يعتمد اختيار طريقة إجراء القسطرة على كفاءة وخبرة الطبيب الجراح المعالج.

بمجرد الانتهاء من إدخال القسطرة والتعرف على الشريان المسدود وتحديده، يقوم الطبيب الجراح بإدخال دعامة لتوسيع الشريان المصاب. تتولى هذه العملية إدراج لفائف لتمديد والضغط على الدهون المتراكمة والمتسببة فى انسداد الشريان، مما يزيد مساحة تدفق الدم عبر الشريان المصاب بدرجة أكبر من كونها قبل الإجراء.

أما المرضى المصابون بانسدادات متعددة داخل الشرايين التاجية فإن الطبيب الجراح عادة ما يلجأ إلى إجراء عملية مجازة القلب حيث تعتمد على أخذ جزء من الأوردة فى الذراع الأيسر أو شرايين الفخذ الأيمن حيث يتم إحلالها محل الشرايين التاجية المصابة مما يسهم فى استعادة تدفق الدم ثانية من خلال الشريان الأبهرى إلى عضلات القلب مجاوزا الشرايين المصابة.

ينصح الأطباء بإجراء فحص شرايين القلب بالأشعة المقطعية لرصد ترسب الكالسيوم فى حال اشتباه الإصابة بداء الشريان التاجى والذى يعتبر إجراء عالى الدقة حيث يمكن من خلاله رصد واضح لكمية الكالسيوم المتراكمة داخل الشرايين التاجية. تساهم النتائج الدقيقة لهذا الإجراء فى مساعدة الطبيب فى اتخاذ قرار خطة العلاج الأولى والأمثل لحالة المريض. يساعد ذلك أيضا فى تقديم العلاج قبل بدء ظهور أعراض المرض مما يساهم بلاشك فى انخفاض معدل الوفيات المفاجئة الناتجة عن داء الشرايين التاجية.

الوقاية خير من العلاج:

على الرغم من التطور المستمر وتحسين التقنيات الطبية الحديثة فى علاج كافة الأمراض الطبية أكثر من ذى قبل، إلا أنه لايزال الرعاية الشخصية الصحية هى النقطة الأكثر أهمية لتجنب الإصابة الأولى بالمشكلات الصحية الخطيرة. يمثل تعديل أنماط الحياة العامل الأهم لكل فرد لتقليل خطر الإصابة. ويشمل ذلك اتباع نمط غذائى صحى متوازن وتناول كميات قليلة من اللحوم الحمراء، وتناول الأسماك والدجاج منزوع الجلد. كما ينصح بالإكثار من تناول الفواكه والحضروات الغنية بالألياف. إضافة إلى عدم الإكثار من تناول الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة مثل اللحوم الحمراء والأطعمة المقلية. ينصح باستخدام زيت نخالة الأرز عند طهى الطعام.

إضافة إلى اتباع نظام صحى متوازن، يجب أيضا ممارسة رياضة الأيروبيك – والتى تدعم وظائف القلب والرئة – بشكل منتظم على الأقل ثلاثة مرات فى الأسبوع كل مرة مدة لا تقل عن 30 دقيقة، والابتعاد التام عن جميع انواع التدخين. ينصح أيضا بالحصول على القسط الوافى من الراجة وإجراء الفحوصات والمتابعة الطبية سنويا.

إذا قمت باتباع هذه الارشادات البسيطة، فإنك بذلك قد تضمن لنفسك غالبا السلامة من الإصابة بداء الشريان التاجى.

 

Rating score

هل لديك حساب بالفعل؟